كييف، 18 مايو 2025 (بوابة اوكرانيا) –تحيي أوكرانيا اليوم، الأحد، ذكرى ضحايا جريمة ترحيل تتار القرم، وذلك في إطار إحياء الذكرى الـ81 للمأساة التي بدأت فصولها في 18 مايو 1944، حين شُرّد عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب الأصلي من وطنهم التاريخي في شبه جزيرة القرم على يد النظام السوفييتي.
ويصادف هذا اليوم أيضًا “يوم النضال من أجل حقوق شعب تتار القرم”، الذي أقرته أوكرانيا رسميًا للتذكير بمعاناة هذا الشعب ورفض تكرار المأساة في ظل استمرار الاحتلال الروسي للقرم منذ عام 2014.
وبحسب الوثائق الرسمية، استندت عملية الترحيل إلى قرار سري أصدره “لجنة الدفاع الحكومية” في الاتحاد السوفييتي بتاريخ 11 مايو 1944، حمل الرقم 5859، واتهم التتار بالتعاون مع الاحتلال النازي، دون أدلة موثقة.
وبدأت عمليات التهجير في ساعات الفجر الأولى من يوم 18 مايو، واستمرت حتى أوائل يونيو، وشهدت تعبئة واسعة لما يزيد عن 32 ألف عنصر من جهاز الأمن السوفييتي (NKVD)، حيث مُنح السكان بضع دقائق فقط لجمع متعلقاتهم الأساسية، وتمت مصادرة أغلب ممتلكاتهم.
ووفقًا لبيانات سوفييتية رسمية، تم ترحيل 183,144 شخصًا، في حين تشير مصادر تتارية إلى أن العدد تجاوز 400 ألف نسمة، توفي منهم حوالي 46% خلال العام والنصف الأول من التهجير بسبب الجوع والمرض والظروف القاسية في أماكن النفي، خاصة في أوزبكستان، معسكرات العمل القسري (غولاغ)، ومنطقة الفحم بموسكو.
جريمة التهجير لم تكن سوى أحد أركان سياسة “اقتلاع التتار” من القرم، والتي شملت أيضًا تدمير المعالم التاريخية والثقافية، وتغيير أسماء المدن والقرى بأخرى سوفييتية، واستبدال السكان الأصليين بمستوطنين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي الأخرى. ونتيجة لهذه السياسة، تضاعف عدد سكان القرم نحو عشر مرات خلال العقود التالية.
ورغم صدور مرسوم في عام 1956 بإعادة الاعتبار للشعب التتاري، لم يُمنح حق العودة الفعلي إلى موطنه حتى أواخر الثمانينيات. أما في عام 2015، فقد أعلنت أوكرانيا رسميًا أن التهجير القسري للتتار في عام 1944 يُعد جريمة إبادة جماعية (جينوسايد)، تبعتها دول مثل لاتفيا، ليتوانيا، كندا، بولندا، إستونيا، والتشيك في الاعتراف بذلك.
وتأتي هذه الذكرى في ظل استمرار الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم منذ عام 2014، والذي أدى إلى نزوح أكثر من 50 ألف تتاري من القرم، وتعرض كثيرين منهم للتضييق والاعتقال والمنع من دخول موطنهم من قبل السلطات الروسية.
وفي خطوة دبلوماسية جديدة، دعت البرلمان الأوكراني، في 14 مايو الجاري، حكومات وبرلمانات الدول الأجنبية، والمنظمات الدولية، إلى الاعتراف بترحيل عام 1944 كجريمة إبادة، والعمل من أجل وقف الانتهاكات المستمرة ضد تتار القرم في ظل الاحتلال.