في بلد يتسابق نحو المستقبل الرقمي ويواكب التحولات العالمية في مجال التكنولوجيا، كانت هناك أسماءٌ ساهمت بصمت في بناء البنية الرقمية الأردنية، ومنى نجم تقف في مقدمة هذه الأسماء.
بصفتها وزيرة سابقة ورئيسة سابقة لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات، استطاعت أن تترك بصمة مهنية وإنسانية راسخة في العصر الذهبي للاتصالات والتحول الرقمي في الأردن.
نزاهة في وقت التحوّل
حين تسلّمت منى نجم دفة المسؤولية، كان قطاع الاتصالات الأردني يعيش مرحلة دقيقة ومليئة بالتحديات، لكن أيضًا حافلة بالفرص.
عُرفت آنذاك بكونها من الوزيرات النزيهات اللواتي جعلن من النزاهة منهجًا، ومن الصالح العام هدفًا، ومن خدمة الوطن أولويّة لا مساومة فيها.
وقد شهدت تلك المرحلة تحولات هائلة: إدخال تقنيات جديدة، تنظيم السوق، تحسين جودة الخدمات، وحماية المستهلك، وكل ذلك كان يتم في ظل قيادة عقلانية شفافة، أثبتت أن النزاهة ليست ضعفًا، بل هي أقوى أدوات القيادة.
رؤية ملكية… وتطبيق مسؤول بقيادة منى نجم
منذ مطلع الألفية، رسم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملامح رؤية وطنية استراتيجية تهدف إلى جعل الأردن واحة للاستثمار الرقمي ومركزًا إقليميًا متقدمًا في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ركزت هذه الرؤية على أهمية بناء بيئة تشريعية مرنة، وبنية تحتية قوية، وشراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، بما يعزز مكانة الأردن التنافسية ويخدم أبناءه في مختلف القطاعات.
وقد وجدت هذه الرؤية الملكية ترجمتها العملية في عمل عدد من الشخصيات الوطنية المخلصة، وعلى رأسهم معالي منى نجم، التي أدارت قطاع الاتصالات بعين حريصة على تحقيق توجيهات جلالة الملك لا بالشعارات، بل بالقرارات والإصلاحات الملموسة.
فخلال فترة قيادتها لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات، عملت منى نجم على تحسين مناخ الاستثمار، وتسهيل دخول شركات جديدة، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز المنافسة العادلة، بما يتوافق تمامًا مع ما دعا إليه جلالة الملك من تطوير شامل لهذا القطاع الحيوي.
لقد جسّدت منى نجم الرؤية الملكية بأسلوب إداري نزيه وفعال، وكانت ترى في كل خطوة تخطوها أنها جزء من مشروع وطني يقوده جلالة الملك نحو أردن رقمي مزدهر، منفتح على العالم، ويخدم أبناءه بالعدل والكفاءة.
قيادة في العصر الذهبي
ساهمت منى نجم بفعالية في رسم ملامح ما يُعرف اليوم بـ“العصر الذهبي للاتصالات والتحول الرقمي”في الأردن، فالارقام تتسارع من 16% الى 65 % وهو العصر الذي تميز بتوسيع رقعة التغطية، إدخال شبكات الجيلين الرابع والخامس، تشجيع المنافسة العادلة، وتقوية البنية التحتية الرقمية للدولة.
كان لها دور كبير في ضبط آليات الترخيص، تحسين بيئة الاستثمار في القطاع، وضمان العدالة في أسعار الخدمات.
ونجحت في جعل الهيئة جهة رقابية مستقلة حقيقية، تحمي المستخدم وتدعم السوق.
امرأة من طراز نادر
في وسط من التحديات الفنية والتقنية، برزت منى نجم بقدرتها على الجمع بين الفهم القانوني الدقيق والرؤية الإدارية الشاملة. لم تكن مجرد سيدة في منصب قيادي، بل كانت نموذجًا حيًا لامرأة تمتلك كاريزما القيادة ونظافة اليد وجرأة القرار.
عطاء مستمر بلا منصب
رغم انتهاء مهامها الرسمية، لم تنسحب من ساحة العطاء. اليوم، تمارس معالي منى نجم عملها تطوعًا لخدمة المجتمع مجانًا، من خلال المبادرات المجتمعية والاستشارات القانونية والفنية، واضعةً خبرتها الطويلة في خدمة الصالح العام دون أي مقابل. إنها تُؤمن أن خدمة الوطن لا تحتاج إلى منصب، بل إلى قلب مخلص وإرادة لا تنكسر.
الخلاصة
منى نجم ليست مجرد وزيرة سابقة، بل قصة نجاح نسائية أردنية، عنوانها النزاهة، ورمزها العمل العام الشريف، ورسالتها المستمرة: الوطن أولًا… دائمًا. في زمن يُفتّش فيه الناس عن قدوة، تبقى منى نجم شاهدًا حيًا على أن القيادة الحقيقية تبدأ من القيم، وتستمر بالعطاء حتى بعد غياب الألقاب.